بقلم / عبدالرازق سليمان

لكل شيء أثر يتركه لا محالة، سواء كانت علاقة تمر بها مع شخص، أو موقف يحدث، أو قصة تشاهدها، أو قمت بعمل وتأثرت بأجوائه وأحداثه وما ارتبط فيه من مواقف وأفراد.

وترك الأثر من طبيعة الحياة في المؤثر والمتأثر، ولكوننا بشر لنا أحاسيس ومشاعر نشعر بها، ويختلف عمق الشعور بعمق أهميته ووقعه وشدة الإحساس به، وبحسب عمق استقبال المؤثر يستمر بقاء الأثر فمنها ما يمكن أن يبقى فترة ويزول أثره، ومنا ما يستمر مدة أطول، ومنها وما يبقى مدى الحياة.

ومع اختلاف مدة بقاء الأثر تختلف كذلك سلبية الأثر وإيجابيته، فهناك من الآثار ما يصنع منه إيجابية داعمة محفزة، تنطلق بالمتأثر إلى الأمام، تساعده على الانتقال من مرحلة إلى مرحلة في حياته، وتعد جزءا من أسباب نجاحاته وتحقيق أهدافه، فصار له ذلك الأثر داعما ومحفزا ومعينا، ساهم في صناعته وإعداده.
بينما هناك آثار أخرى تفتك بالمتأثر، وتهدم قواه، تكسر أجنحة اندفاعه، فيبقى حبيسا لذلك المؤثر، يدور في دوامته، غارقا فيه، قابعا في وحله، كلما أراد الانفكاك منه عاد إليه، كالأسير لا يقدر على إطلاق سراح نفسه من الأسر، وهو بحاجة إلى من يحرره من أسره.
لا يعلم البعض أنه في حياته ناشرا للآثار السلبية، يكبل من يلتقيه بحبال آثاره، فلا يبقي خلفه إلا أثرا سيئا، ولا يحمل غيره منه إلا أسوأ الذكريات، وأحقر الكلمات، إن تكلم فكلمته لا تليق، وإن صمت صمته نكاية، وإن أقبل حمل معه هموما مستقبلية، ولا يدبر إلا وقد ترك ما معه من سلبيات خلفه، ليبقي في مكانه ظلاما من ظلامه، يتخبط فيها من كان معه، ويكون المؤثر موقفا أو حدثا أو غير ذلك.
إلا أن هناك تأثيرا إيجابيا كإشراقة الشمس بعد ظلمة الليل، كعودة الزهور بعد تساقطها، تشرق معها البهجة والسرور، يستنير بها المتأثر طريقه، صفحة من أجمل صفحات الحياة لا تُنسى، وقفة من الوقفات تحمل طاقة تستمر قوتها وإمدادها الطاقة فترة من الزمن، يعيشها ويرجو تكرار لذة المشاعر والوقت والموقف.

من يعش فسيرى اختلافا كثيرا، وسيرى الكثير من الخير والشر، من صانعي الآثار الإيجابية والسلبية، من الأحداث والمواقف اليومية، ومن تربطنا بهم صلة أو علاقة طالت أو قصرت.
الصديق صانع ومؤثر في صديقه، فحسن اختياره بحثا عن الأثر الجميل، والفشل في اختياره بداية صناعة الآثار المخيبة للآمال المسيئة لصاحبها.
كذلك الزوجة بوابة حياة عميقة، إما سعادة أو شقاء، والجار مؤثر في حياة جاره، والمعلم مؤثر في حياة طلابه سواء أثر خير أو غير ذلك.
أخيرا،، كن صاحب أثر حسن، ليذكرك من مر في حياتك بخير، فكلمة المعروف يبقى أثرها، والبشاشة يبقى ذكرها، وحسن المعاملة لا تنسى، ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره.