بقلم /عنان النفيعي

كنت أظن أني متماسكة، صاحبة القلب القوي، للحد الذي يجعلني بخير، ولكن
تبدد ذلك على عتبات غيابك، وذهابك عني، فقد أغلقت تلك النوافذ، التي كانت
ستفتح للجميع، فلقد أقْفَلتُ على قلبي وروحي، أقفلت تلك الأبواب نعم.
بعد رحيلك تدمر كل شيء، أصحبتُ أسيرة أحزاني، أسيرةً لتلك الدموع التي
جَفَّت وهي تتساقط من عيناي بؤسا لذهابك، وفي ساعات لقياك بي، لم أعد أحتمل
أن أفقد إحساسي بكل شيء، ولم أُطِقِ الحديث، فالتزمت الصمت، خشية أن يروا
أحزان قلبي، وتبسمت لهم، وكنتُ أكثر قسوة على نفسي، وساد حنيني لك، وصنعتُ
في شوارع مدينتي عتمة، وأدخلت إليها البؤس، بعد أن كانت تزهر ربيعا، وبستانا
من الزهور، فلقد جفت تلك المدينة، التي أمتلكها، وأصبح سكانها يعانون مثلما
أعاني أنا، ولا يمكنني نسيان مرارة ما شعرت به في غيابك، ومرارة جرحي، فلم
استطع النهوض وأُحيِي تلك المدينة، فالتزمت الصمت، وأصبحت أراهم من أبعد
مكان ممكن.
أخبروني أني أستطيع أن أتحمل ما جرى بي منك، ولكني تنهدتُ، وأوجعني
قلبي أكثر على رحيلك، لم أودعك حتى رحلت، ولم تعد!
لم استطع التخلي عنك رغم أنكَ خذلتني، وكأنكَ حلم تحول إلى كابوس
مزعج، وقد غرزت بي سهامك ورحلت، ورغم ذلك استهنت بوجعي، ولا تزالُ ذاكرتي معك توجعني كثيرا..
أتعجب أني لازلت أتذكرك !!أتعلمون لماذا؟
لأن الحب حينما يتمكن من القلب يزهر فيه كل شيء، وتتسامى فيه كل معاني
الجمال والحسن والدلال، لا أخفيكم سرا، أني كنت أعيش ذلك حقا بين أكناف حبه
ثم فجأة يتغير كل ذلك! هل تتخيلون مقدار ذلك الألم الذي مهما وصفته فلن أعطيه
حجمه كما أشعر به؟!
وقد يتساءل البعض، ألهذه الدرجة؟! نعم، أتدرون لماذا؟
لأن الفراق لا يعرف معناه، ولا يدرك أثره، ولا يستوعب حجمه، إلا من أحب
بصدق، وعشق من قلبه، وأخلص بمشاعره.
ولكن يكفيني أن “الحب عزيز لا يمكن أن يستقر إلا في قلب مخلص، ولو بعد
حين…”