بقلم /أمل حسن جلال

حينما تغيب الشمس يركن الأحياء للهدوء من ضجيج الحياة فيلِجْن عالما من الحقيقة أو الخيال يراجعون ما كان في يومهم من أحداث ويتسامرون مع أحلامهم ويتبادلون التحايا أو الندم أو الطموحات لمستقبل واعد .. هناك فرصة للغد إذن..

يرسمون مستقبل زاهر بقلم طاشت محبرته على أجزاء من الورق لا بأس فهناك بصيص أمل لتقويم ما فسد بالأمس..

وها أنا هنا أحدِّق في الماضي وأتلمس ملامح جنتي التي غابت بلا سبق إنذار حيث دقت أجراس الرحيل وانتهك الفراق فرحتي التي ما لبثت أياما معدودات كنت أرسم فيها لوحات العزم والفرح الذي زارني فترة وجيزة

نعم هما جنة الله على أرضه

ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة)

وقد زارتني جنتي وكان أبي هنا معي شرفني الله وكرمني ببره صدقت النوايا فصدقني الله العطايا

كم كنت مسرورة وأنا ألوِّن الفرح وأرسم السرور أقبل تلك اليدين ثم ذاك الجبين وتشدو تلك العنادل عند مبسمه
أشم رائحة البر واجتهد وأنوي كل ليل أن أكون أفضل برا وعطاء ليوم غد

إلا أن القدر اختار رحيل تلك الجنة فبدأت ملامح الفرحة تندثر وطُمست في وقت قصير أخذتُ أتحسس فراش والدي فلا جسد ولا صوت ولا رائحة عطرة أشتمها كلما مررت حول فراشه فشحبت الوسادة وتعرجت الآمال وتدحرجت السعادة

قد دُفنت ملامح جنتي وفرحتي!

لم أعد أستيقظ وفي يدي فرشاة الرسم حيث سقطت على أرض القدر قمت مفزعة من الحدث ألملم خصلات شعري المتطايرة وأنفض غبار الحبور الذي أصبح محطة الذكريات والدعوات وملجأي الآمن كلما أشرق قلبي بالدعاء فتغيب الشمس وتغيب الأجساد لكن يبقى شعاع الحب والوفاء منيرا للعتمة والآلام

لم أعد في حلبة سباق ثمة أحداث تستدعي الوقوف ومراجعة النفس كنت في متسع من البر ولا زال لكنه ضاق شيئا يسيرا

وقفت في مناصف الطرق لا أريد العودة ولا الانحناء فقررت إكمال المسير لا زالت الفرص قائمة لتقويم الفجوات وردم حفر التسويف سأنهض

وقررت أن أتسامر مع الآمال وأبني جسورا من المحبة تعانق الشهب ليلا ورفعت كفي بالرجاء ذليلة خاضعة راجية القبول ثم اللقاء الذي لا فراق بعده في جنة عالية قطوفها دانية هكذا طابت لي الحياة بعد رحيل والدي على أمل اللقاء والبقاء

رحم الله موتانا أجمعين وجمعنا بهم على منابر من نور على نور ..