بقلم /د.عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان

حقًا على كل إنسان الاستعداد للموت قبل نزوله وفوات الأوان وحلول الأجل، وساعتها لا ينفع الندم؛ فلا عمل، ولا قول، وإنما جزاء وحساب فقط، فالمبادرة في فعل العمل الصالح من شيم الذين يتأهبون للموت، فهم يذكرون الموت في كل أحوالهم، آخذين بوصية الرسول- عليه الصلاة- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: “أكثروا ذكر هادم اللذات (الموت)”.

ومن صفات الصالحين أنهم دائمًا يذكرون الموت ولهم أحوال مع ربهم في العبادات والقربات وقناعة وسلامة القلب، والحرص الشديد على التوبة والاستغفار، والبعد عن الأمور المحرمات والمهلكات، وهم يريدون التخفيف من شدة سكرات الموت وكرباته، ورحمة وزيادة في الدرجات مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، فالإنسان الصالح دائمًا يلزم نفسه بالطاعة والتقوى، وإعداد الرصيد والتزود بفعل الأعمال الصالحات، وينأى بنفسه عما حرم الله تعالى، ويبادر بالتوبة من المعاصي، ويلح في الدعاء للتوفيق وحسن الخاتمة، ويريح نفسه من كل شر، ويحاول- قدر المستطاع- إصلاح الآخرين، وتحقيق مبدأ التعاون على البر والتقوى.

فالصالحون الصادقون يؤمنون بقضاء الله تعالى وقدره، وأن العبد المؤمن إذا مات لا يخلو من تركه أحد أمور ثلاثة: علم ينتفع به، وعمل صالح طيب، أو ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية تنفعه في القبر، ويوم القيامة “يوم لا ينفع مال ولا بنون (88) إلا من أتى الله بقلب سليم (89)”، وإذا تذكرنا هذه الحقيقة الحتمية التي لا بد وستمر علينا جميعًا، نتذكر عظماء الرجال وسادات الناس من الحكام والعلماء ممن افتقدناهم وبقيت مآثرهم، فنتذكر الملك عبد العزيز رحمه الله عز وجل، ونتذكر توحيده للبلاد والعباد وتوفيق الله رب العالمين له، ونتذكر العلماء الراسخين كالشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد العزيز بن باز ، والشيخ محمد بن عثيمين رحمهما الله تعالى وغيرهم كثير، فهؤلاء غيبهم الموت ولكن بقيت أقوالهم وأعمالهم شاهدة لهم، فإذا تذكرنا الموت وكان في أذهاننا حقيقة لا مفر منها، فلا أقول من إن نجعل له أثرًا تبقه بعد مماتنا، وأبواب الخير كثيرة ميسرة بفضل الله تعالى.