سعيدة المالكي

أتذكر أني يوماً أشفقتُ على تلك الفتاة في بيني وبين نفسي ، عمرها في الخامسة والعشرين كُنت أراها في نفسي ثرثارة فقط لاتُجيد غير الكلام ولاتُحب السُكوت،هي تضحك على كُل شئ جدياً كان أو مُزاحاً ، ليس ذلك مالفتني، بل إنها لاتملكُ هدفاً في الحياة ، فهي لم تُكمل دراستها الإبتدائية ، وتكره الدراسة ، ولاتُحب أن تخدِم والديها ، رُغم اهتمامهم بها، أكبرُ همها الطعام والتلفاز ، بل أشفقتُ عليها لأنها لاتملك قرارآ لنفسها ، فهي تُردد مايقوله النساء ، فإن قالت أحب الهُدوء أو اللون الفلاني أعرف تماماً أنها سمعتها من إحداهِن ، فهي تُقلد فقط ، وإن وجدتها في المُناسبات ، لا أرى اهتماماً منها في مظهرها أبداً ، ليست فقيرة ولاكنه الإهمال ، وكما قُلت تُكرر الكلام حتى أني ألاحِظ ابتعادهن منها فلا يجلسُ بجانبها أحد، وينادونها بال(الهبلة) كنت أتسائل في نفسي عن مُستقبلها ، وأحمد الله (في نفسي) على عقلي ورزانتي وذكائي ومُستوى تعليمي ،
رأيتُها بعد مُدةٍ من الزمن ، قد تزوجَت رجلاً ذامُستوى راقٍ وذا حسبٍ ونسب ، بل إنه شاعرٌ معروف وصاحِبُ حسٍ مُرهف ، وقد بنى لها بيتاً كماتُريد وزوده بالأثاث الذي تُحب ، وهو متعلقٌ بها، وقد أنجبت الأطفال رأيتُها تدللهم وتعتني بهم ، لم استطع معرفة الكثير فهو لقاءٌ عابر ، لاكنّه كان كافياً لتأديبي!!!
لما يانفس تُشفقي على أحد ، وأنتي لاتعلمين مابقلبه ، ومابينه وبين الله ، لعل الله يُحبها ، فأعطاها ولم ينظُر إلى كُل ماهتممت أنا به ،
عليك يانفس أن تعلمي أن بك خللاً إذا استنقصتي أحدهُم أو استصغرتيه ، فعليك إصلاح هذا الخلل بالقرب من الله وطلب الرضا والعفو ،فهو أعلم بقلوب البشر وماتُخفه الصدور.
وإن اغتررتي يانفسُ يوماً بماعندك من مالٍ وجمالٍ وعلمٍ أو ماأعطاك الله من أمور الدنيا وملذاتها فأسرعي بالتوبة إلى الله ، فهو قادرٌ على سلبك منها ، واحمدي الله في السر والعلن فبالشُكر تزيدُ النعم ، ربنا لاتُزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا واغفر لنا إنك على كُل شيئ قدير.