مشاري الوسمي

في قصص و حكايا الناس مزيجٌ من العبر و احكامات القدر التى لا مفر منها، قد يجود بنا الحظ و نظفر بما حُرِّمَ منهُ غيرنا.. مع هذا لا نقدر كم النِّعَم التي تحيط بنا إلا حين نفقدها أو يتلاشى بعضها..
نِعَمٌ محسوسة وأخرى نعتاد على وجودها حتى ننساها أو نفقد الإحساس بقيمتها .. كمنزلٍ دافئ و جدران ناعمة، نوافذ كبيرة تخترقها أشعة الشمس عازمة على مشاركتنا النور و الضياء، أصوات خافتة وأُخرى صاخبة ضاحكة أحيانًا و مزمجرة في أحيان.. لكنها أصوات وأنفاس من نحب، نتفقد بعضنا و كأننا أجزاء رغبت أن تلتحم فتكون لبنة جميلة في حائط المجتمع الكبير.. تجمعنا طاولة طعام أو مسلسل شيق حكايات جد و جدة استحضروا الماضي و لبسوا ثوب الواعظ الحكيم.. فكانت ذكريات الآباء في الصغر التي تجعل الأبناء تفيض أعينهم بالدموع من الضحك بهجةً ومرحًا..
يدٌ حانية تمتد حين الضيق وساعات العسر، تحاول المواساة والمساعدة.. كلمات تربت على كتفيك وتغسل همومك وتضمد جراحك، قبلةٍ على جبيننا توقف الزمن و تخفض وتيرة القلق و تنزع كبس الحزن.. من أعظم النعم إن لم تكن أعظمها على الإطلاق بيتٌ ذُكِرَ فيه اسم أمي.. تلك هي عصب الحياة، النهر السائد العظيم، مفاتيح الراحة والأمان و بلسم الشفاء.. فلا أحد يُحِبُّ كَحُبِّ أمي.. هي الأمل المتجدد، العطاء الذي لا ينضب، الدعاء الذي لا يمل والدموع التى لا تتوقف.. لن تراني في يومٍ إلا وليدها الصغير الذي أَبَى الْكبر وتنازل عن شبابه وشيخوخته ليعيش في كنفها و وسط ضلوعها..
إن اظلمت الحياة فدعائها ينير الطريق و صلاتها تزيد طريقي سعةً وأمان.. صوتها بابٌ من أبواب الجنة وحنانها نهرٌ من أنهار السعادة والفرح.. هي أمي تاجٌ على رأسي وضعته أمام الخلق وبين الخلائق، أحملها و أحنو عليها فليس كمثل أمي أحد.. أتغنى بها واحفر حروفها بين أضلعي والشرايين.. فليسمح لي العشق أن يتنحى جانبًا فهي وان عشقت كانت سلطانة على المعشوقين.. في قلبي لن ينافسها ولن يحل محلها أحد.. أمي أعذريني على تقصيري أو غضبي في حالة طيشٍ أو خروج أفعالي عن السيطرة.. لا أملك من هذا العالم إلا رضاكِ يا سيدة كل النساء، يا جميلة الجميلات في الأرض والسماء ..
دمتي لي سنينًا بلا عدد ، سعادةً تفوق الوصف، دمتي لي ودامت حياتي بجواركِ سنينًا وسنين ..