علي احمد معشي

الحياة مسرح كبير يلعب فيه الجميع أدوارهم المختلفة ولكل منا فيه مدة محددة ومقدرة في الأزل وكل ميسر لما خلق له ومنا من يعرف حقيقة الدنيا و بداية خلقها وما ستؤول إليه في نهاية المطاف ومنا من يعيش في غفلة من أمره منخدعاً بزيف الدنيا وأحلامها الوردية القصيرة والحقيقة أن الدنيا ممر ومعبر إلى الآخرة وهي مرحلة عمل واجتهاد تحصد نتائجها في الدار الآخرة والخالق العظيم سبحانه وتعالى قسم فيها الأرزاق والأعمار والأعمال وجعل لنا طريقاً مستقيماً وأرسل إلينا الرسل وأنزل الكتب ووضع أمامنا آياته الكونية العظيمة ذات الدلالات الواضحة والبراهين القاطعة على وحدانيته وربوبيته وألوهيته وقدرته العظيمة والمطلقة على تدبير الكون الفسيح والتحكم في مجريات أحداثه الصغيرة والكبيرة فهو على كل شيء قدير دون استثناء وقد جعل الحق أبلجاً ناصعاً بيناً وجعل الباطل واضحاً جلياً تعرفه النفوس النقية والضمائر الصافية ولم يتركنا سبحانه وتعالى دون دليل أو ارشاد بل جعل الاسلام منهجاً عظيماً صالحاً لكل زمان ومكان وما فرط في كتابه الكريم من شيء ولا في سنة نبيه العظيم من شاردة أو واردة حيث كان منهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم نبراس حياة عملي في متناول الجميع بطابعه الوسطي المتناغم مع الطبيعة البشرية ولذلك كان الاسلام دائماً جاذباً لكل من تعامل معه لما يجد فيه من استجابة لنداء الفطرة التي خلق الله الناس عليها ولأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعث رحمة للعالمين والقرآن منهاجاً للمؤمنين وصراطاً للسائرين إلى رب العالمين ، فهو عدل في كل تفاصيله يؤازر الحق ويحارب الظلم والباطل ويحفظ النفوس والأعراض والأموال ويعلي شأن من اتبعه ويحط من قدر من خالفه وعاداه وحاربه إنه اسلوب حياة نادر لم تعرفه الدنيا سابقاً وحينما جاء كان مبهراً مدهشاً يملك القلوب ويحلق بالنفوس حتى تتعالى على ترهات الأمور وسفاسفها تربط المؤمن بالسماء وتجعله يتعامل مع كل شيء وفق منظار إلهي راقٍ ليس لحظوظ النفس والشيطان فيه نصيب فتجد في أتباعه صفات ومزايا لا تجدها في غيره فالفداء والعطاء والإيثار والكرم والسماحة والإخاء والتكافل والتضامن هي أخلاق يكتسبها المسلم بمجرد أن صح اسلامه لتصبح أسلوب حياة يسير به في الناس ينطلق فيه بقناعة تامة لا يجبره عليه أحد بل يشعر بسعادة غامرة وهو يمارس أبجديات الخلق الإسلامي الكريم تراه وقد أشرق وجهه مبتسماً وهو يوقر الكبير ويرحم الصغير ويكرم الضيف ويجير الخائف ويطعم المسكين ويشهد بالحق ولا يغدر ولا يخون ولا يسرق ولا يزني ولا يظلم ولا يعتدي ليجعل من الحياة جنة وارفة على جيرانه واخوانه واهله ومجتمعه بل ويتعدى الأمر حتى يكون حسن المعاملة مع من ليسو على دينه ومنهجه فهو يشفق على غير المسلم من أن يبقى على غير دين الاسلام ويسعى لإنارة طريقه بأنوار الإيمان الساطعة في قلبه وروحه وتعامله .
ولنا أن نتخيل عالمنا وهو يعيش في ظل الأمن والإيمان بعيداً عن الحروب والفتن والعداء والشر كيف سيكون ولعل حكمة الله تعالى اقتضت أن يتصارع الحق والباطل حتى يطهر الحق ويزهق الباطل ” إن الباطل كان زهوقا “
فلا المتشددون الإرهابيون يمثلون الدين ولا المتساهلون والمفرطون في دينهم وأخلاقهم يمثلون الدين بل هم وبال عليه ومنفرون عنه ودعاة على أبواب جهنم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية .