مشاري الوسمي

حين نستيقظ صباحًا نفتح نوافذ الأمل و نضيء قناديل قلوبنا قبل بيوتنا ، نتفاءل بإشراقة شمس الحظ وخيوطها التى نصعد بها إلى السماء ، أسرابٌ من الأحلام والأمنيات نتسلق بها فيسقط أضعفها ويتشبت القوي منها والعازم على الوصول للنهاية .

في طريقنا نصادف المحفز ؛ فيفتح ثقوبًا للنور في ظلمة عقولنا ، فنختار معه الطرق الأقصر حتى لو كانت الأصعب ، نصادف المحبط؛ الذي يكسر في دواخلنا اهرامات الطموح ومنابر العزيمة والإصرار . وحين يتملكنا التعب و يتسلل إلينا اليائس ، تأتي رماح الحظ من بعيد تنتشل بقايانا وتعيد الحياة للأحلام الذابلة .

تلك فلسفة الصعود والبحث الدؤوب عن مكان لنا بين النجوم ، اسم يزاحم الأسماء في السطوع والبريق ، ومن بين الممرات والمكائد ، والشحوب والنضوج، نصل وقد فقدنا جل أحلامنا وبعضًا من ملامحنا. تراكمت علينا السنين ؛ فغزا الشيب خصلات الشعر الأسود ، تركت القلب هرمًا فارغًا من المحبين ، تملكنا الإصرار ومعه أصبحنا تروسًا مدرعة ، قتلت في طريقها الزهور الصغيرة ، حطمت أوصال القرب ، باعدت بيننا وبين دفء الوجود وأُنس العاشقين .

لم تكن الأحلام مستحيلة ؛ لكن طريقها وعر و ممراتها ضيقة ، منحدراتها مخيفة ، النظر للسماء منهك والقرب من الشمس هلاك. أردنا دومًا الوصول لغايتنا ولم ندرك قيمة فاتورة الوصول.
تلك الأيام لم تنتظرنا ولم تبطئ من سرعتها لأجلنا ، الليل أصبح كالنهار في صخبه وتكدس أعماله ، كأنهم تعاونوا على إنهاكنا و تشتيت أذهاننا عن أعمارنا المسروقة وأحلامنا المفقودة . أصبحت الغايات بلا نهاية و الأحلام تولد مع إشراقة شمس كل يومٍ جديد، و الطموح تعالى حتى صار كقمم الجبال .

إن الأحلام جميلة والطموح أجمل ، العزيمة والإصرار من سمات الأحياء العقلاء ، لكن الإفراط مع مرور الوقت يتحول إلى وحش كاسر يلتهم الأخضر و اليابس.
نحن مع الأحلام طالما لم تطغَ على الواقع ، ولم تحطم ما تبقى من جميل الوقت، ولم تمنعنا من أن نكبر مع من نحب .

دمتم آمنين وسطيين لا أشداء ولا متفلتين .