بقلم.... انتصار عسيري

 

لن أتحدث عن ماهية الخيال فقد سبقتني إليه القواميس..
ولن أسرد أنواع الخيال لأن العلماء والمفكرين قاموا بدورهم في ذلك..
ولن تجد في مقالي أسباب الخيال فااعتذر لك مسبقا عن كل ذلك..
لأني سأترك لكم مهمة البحث في ذلك بأنفسكم..
أو لأني ببساطة أؤمن أنه لايوجد للخيال طرق مختصرة، ووصفة سحرية، ودراسات علمية..
لأني أؤمن أن الفنان يُتقن القواعد والنظريات ليكسرها في فنه..
نحن نملك ذاكرة قوية ولكننا نفتقر إلى الخيال احيانا..
اتساع أفق الفنان وضيقه يغذيه الخيال، وتجربة شخصية يتولاها بنفسه..
فلندخل سويا من بوابات الخيال..
تخيل زهرة الليلك البنفسجية، نسرق ألوانها لنهديها لزهرة عباد الشمس الصفراء..
هل تخيلت ذلك؟؟
لنكمل الخيال.. السماء والغيوم بلون حلوى غزل البنات الوردية..
هذه ليست لعبة سخيفة بل لعبة برعوا فيها مصممين الجرافيك وانتجوا أجمل التصاميم..
لو قلت لك لنأخذ النجوم ونضعها في سماءً أخرى لاندهشت من ذلك!!
لكن برعوا مصممي الديكور في خلق سماء مليئة بالنجوم في غرف النوم.
وامتلأت صفحات دفاتر الأطفال بالنجوم التحفيزية.
لنتخيل رائحة المطر والتربة المبتلة مع رائحة القهوة ولنخترع منه عطرا جديدا..!!
ولنتخيل فتاة تلعب كرة الطائرة بالقمر، أو عصفور يرتدي قبعة، أو تمساح يطير، لقلت ماهذا!!
ونسيت أن أغلب العلامات التجارية للشركات قائمة على هذا النوع من الخيال.. لأنه سعى خلف المجهول، وملكَ حب الإطلاع بشغف.
تخيل قطة ترتدي زي الإنسان ونحن البشر نرتدي فرو القطط، ياللعجب
لكن هذه الفكرة الخيالية أنتجت أعظم المسرحيات الموسيقية للقرن الواحد والعشرين في أعظم مسارح العالم البرادوي، وعيدت لأكثر من سبعة آلاف مرة، وترجمت إلى خمسة عشرة لغة، لأن الخيال تحول إلى عمل مسرحي يصور البؤس والتشرد والألم في أشكال قطط شوارع !!
لنكمل رحلة تربية الخيال سويا، ولنأخذ رحلة بين اللطافة والشراسة معاً ، لنتخيل حصان أسود بأطراف إلكترونية!!
فكرة خيالية لاواقعية .. لكن خلف هذه الفكرة فنان تمرد على قواعد النسبة الذهبية للنحت في عصر النهضة وخلق فن حديث للنحت وهو الفنان الفرنسي رايموند دوتشامب!!
لم تكن فكرة مفصولة عن الواقع، عندما تجمع مافي ذاكرتك وإحساسك لتطرحها بشكل جديد.
هذه مهمة الفنانين الحقيقية ، الذين يعلمون أن الفكرة لاتكفي، والمعرفة لاتكفي، بدون خيال..
مهمته الحقيقية أن يتخيل مايريده، ويتمنى ماتخيله، ثم يصنع فنه.
يجمع كل النكهات والألوان والأشكال والروائح والكلمات ويسافر في رحلة جديدة ليخلطها سويا ويصنع مدن جديدة لم يطأها عقلً بشري قط.