بقلم... مشاري الوسمي

في بعض الأحيان قد تخرج الكلمات منا أو من غيرنا قاسية ، حادة وقاتمة ، فتقع في نفوس من هم أمامنا كوقع القنابل أو السهام المسمومة، ربما لا تقتل في حينها ، ولكن تترك تراكمات ، ويومًا بعد يوم تصبح كجبال الغضب التي لا يقف أمامها شيء ، وتتبدل نفوسهم حتى أننا في بعض المواقف نجزم بأننا لا نعرفهم . 

فهناك مئات أو آلاف الكلمات المغلفة بالورد، وهي أشواك مخفية ؛ تخرج في بعض المواقف. صاحبها أوجز فأوفى ، وترك وراءه وجهًا شاحبًا فاقدًا القدرة على التصدي أو حتى الرد بالمثل . هدايا مهملة بسبب كلمة قيلت في غير موضعها قبل اللقاء بلحظات أو أيام ، فالنفس البشرية كسطح البحر تعكره الرياح وتفقده اتزانه رغم كبر مساحته . 

ليس الناس سواء ؛ فكلماتنا بطاقات تعريف لنا ، وهي المنفذ الذي نجذب به من حولنا أو نبعدهم عنا . فقول الكلام الطيب صفة ، رغم سلاستها إلا أن الاستمرار بتصنعها مستحيل ، لأنها لابد أن تكون أصيلة في النفس ، فتحت أقسى الظروف وأحلك المواقف ؛ سيظهر جوهر لسانك وتزول أقنعة المجاملة واللطف المصطنعَيْن .

يترك الكلام فينا مالا تتركه قسوة اليد والبعد ، فنحن نستقبل الصباح بكلمات تمدنا بالحياة حتى المغيب ، ونمسي على كلمات تأخذ بأيدينا إلى شروق الشمس ، فما هذه الحياة إلا بضع كلمات ، تقال فتكون كالبلسم الشافي لجراحٍ غائرة ، أو بشرى صادقة بأن بعد المطر تزهر الأرض وتنبت من جديد .

فلنتخير كلماتنا لتمحو عثراتنا، وتربت على أكتافنا ، لننهض ونكون أقوى من السابق ، فما أحوجنا لبعضنا ، لنرسم بسمة ونمسح دمعة ، ونسقي أزهارًا ذبلت وأغصانًا يبست . ليبقى الحُبّ والأمل والكلمات الطيبة منارةً بها نهتدي وعليها نعيش .

دمتم بحُبّ ، وبكلمات الحُبّ سنبقى على العهد وتزهر دروبنا بكل جميل .