بقلم... حوراء رضي
تكبر على مهل لكن شي ما يتحرك بداخلك، بعمق وصمت بالغين ، عالم يتشكل ، يتبدل ، يرسم ملامح واقعك ، همس خافت يطلب منك النجاة، لكن من أي شي ؟! وماذا تفعل بنجاتك ؟!
أن تنجو من أن تشيخ بلا ضمير ، يقول كانط ( الضمير ليس فطريا ) ، خلاصك بتيقظك في زمنك الخاص .
يعرف (الضمير أنه مجموعة من المبادئ الأخلاقية التي تسيطر أو تتحكم في أعمال الشخص وأفكاره، وهو يشمل الإحساس الداخلي بكل ما هو صحيح أو خاطئ في سلوك الشخص أو دوافعه) .
إذا يرجع لتساؤل عن ما يشكل الضمير، وهي المبادئ الأخلاقية ، هل هي فطرية ؟ وكيف تتشكل بداخلنا ؟
الثوابت الأخلاقية التي أخذها الإنسان من مجتمعه وتربيته ، لا تبقى مع الإنسان طوال حياته ، بل تتبلور وتتشكل ببطيء شديد ، بأفكاره وتجاربه في هذا العالم ، فالثوابت الأخلاقية متغيرة باستمرار ، فقد نكسب خلقا موجباً أو سالباً ، من دون إدراك تلك التبدلات البطيئة فينا ، وبذلك تترسخ في اللاوعي أفكار كثيرة عن أنفسنا والعالم .
راحة الضمير
تلك السُلطة الداخلية تثير فينا قلقاً قويا كلما خالفنا تلك الثوابت ، لكن هذا الشرطي الداخلي يتوقف أن كتبت له قوانين وثوابت أخرى ، فهو مربوط بثوابتك ، الظالم يحار الناس في ضميره ، لما لا يؤنبه ، لأنهم يحكمون على الأمور من خلال ثوابتهم هم ، ولا يدركون أن ضميره هاني لأنه يعمل وفق ثوابه .
إذا كلما غلبت المبادئ السالبة في الضمير عن الإيجابية ازدادت قتامته ، فهو في تشكل مستمر مع كل حدث ، يقول النبي الأكرم ( يا مقلب القلوب ثبتني على دينك)
فبإمكانك تطهيره دائما ، أو ترك الظلمة تجتاحه.
تطهير الضمير ، بخلقة .. نعم بتشكيله وخلقة خلقًا واعيًا ، إذا كان محرك الضمير هو المبادئ الراسخة في اللاوعي ، أن الخطوة الأولى هي تقليل الفجوة بين الوعي واللاوعي بالتأمل ، التأمل بالتفكر أو بإسكات الأفكار ، كلاهما مفيد ، هناك شيء لطيف في تراثنا الإسلامي ، مبدأ محاسبة النفس ، لأن الحديث مع النفس يعمل على ترسيخ نتائج تلك الأحاديث اللطيفة مع النفس في اللاوعي ، أراه هو مبدأ خلق الضمير وتكوينه، يقول الله سبحانه وتعالى ( إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) والقلب السليم هو الضمير الذي يحركك .
+ أضف تعليق
التعليقات (4)
ماشاءالله عميق جدا
ما شاء الله مقال رائع ومهم ..
كلما كان ضمير الإنسان يقضا متنبها كلما عاش الإنسان في سلام داخلي لا يشعر بالتناقض أو الضياع لأنه مطئن أنه على جادة الحق ولن يحيد عنها أبدا .
احسنت بُورك فكرك وقلمك
(محاسبة النفس ) بوابة التأمل والتفكر والوقف على ما أجترحت تلك النفس وأستمرار المحاسبة لها سبب خلق المبادئ وترسيخها والضمير وملكة القلب السليم
مقال بديع، في أسلوبه، واستعراضه، متماسك العبارة بليغ في استشهاداته، بعيدا عن الاطناب والترهل.
هذا الضمير الذي فطر عليه الإنسان ويتبلور بالتربية أو ينقلب أعلاه أسفله ببعض الثقافات والخبرات كما عند بعض المجرمين.
دام قلمك نابضا بالوعي كاتبتنا الجميلة