بقلم... مشاري الوسمي

أمسكت قلمي عازماً على إنهاء معاناتي الطويلة، أكتب كلمة واشطب كلمات ، أنتقي حروفي وكأنني أجمع شظايا زجاجٍ أخشى أن تجرحها كلماتي ، لم أكن أنوي البقاء طويلاً مهشم الكبرياء ومهمش الوجود ، فلست ممن يليقُ به الإهمال والاصطفاف في طوابير الانتظار .

في بداية الصفحة، على يمين السطور ، كتبت إلى حبيبتي ، لكن الكلمة غصة في حنجرتي ، أبت يدي كتابتها ، فكتبت إلى من سكنت قلبي ، ملأت روحي بروحها حد الغرق ، ولكن كسابقتها لم ترَ النور ، تلاشت تحت خطوط القلم الجاف .

تكومت الأوراق حولي ، سالت دموعي مراراً ، أعتصر قلبي مع كل حرف كُتب وكل سطر أمتلأ بما فاض به الوجدان ، اختلطت مشاعري بين الشوق والرفض ، بين قسوة الرحيل ونعمة اللقاء ، ولكن كبريائي كان المهيمن المسيطر ، كأنه جلاد الذات القاسي الذي لايرحم ، ولا يخضع مهما تعالى الحنين وعصفت أمواج البقاء .

استغرقت رسالتي أيامًا طوال ، تساوى فيها الليل والنهار ، جفاني المنام ، حرم جوفي على نفسه الطعام ، كنت أرى الكلمات تتراقص بين السطور من شدة الإعياء ، حتى انتهيت وجف قلمي ، ذاب معه قلبي وسرى البرد في شراييني .

سلمتها رسالتي ، و أدرت لها ظهري مبتعدًا حتى تواريت عن الأنظار. 

كنت أُراقبها وهي تفتح رسالتي ، أتحرق شوقًا لرؤيتها تتجرع كأس مرارتي كما أذاقتني مرارتها ، ولكن ذُهلت بابتسامة تهكمية تخرج من بين شفتيها، ثمَ ألقت رسالتي أرضًا و رحلت .

لم أطق صبرًا ، ركضت نحو ورقتي ، تناولتها فلم أجد بها إلا كلمتين في وسط السطور ( اشتقتُ إليكِ ) .   

حينها علمت أن العقول لا سلطة لها على القلوب ، والعشق غريمك، حتى يخضعك وإن طال العمر .

دمتم بحب لا خضوع فيه ولا انهزام .