بقلم.... أمل جلال

نحنُ بحاجةٍ ماسةٍ إلى أقلامٍ تغرسُ فينا دعائمَ الشريعةِ توجِّهُ سهامَ أفكارِنا وجهةً صائبةً نحو الأهدافِ والحكمةِ التي خُلقنا من أجلها لسْنا بحاجةٍ إلى استعراضِ ثقافةٍ واقتباسٍ من أقوالِ فلاسفةٍ غرب إن لم يكونوا متفقين معنا في المبادئِ السَّليمةِ والأخلاقِ الحميدةِ.

 مجتمعُنا بحاجةٍ للنهوضِ الفكريِّ والتطويرِ العامِ لا الشَّخصي فقط، ففي الآونةِ الأخيرةِ الكُلُّ ينادي بتطويرِ الذاتِ وخُلِط بالأنانية حتى احتلَّت الأنا منزلةً عُظمى في حياةِ الشخصِ وأصبحَ عبدًا لها ضربَ بعرضِ الحائطِ عاداتَهُ السويةَ الفرضيةَ وتعاليمَ دينَهُ وكأنَّهُ خالدًا في هذهِ الدُنيا الوضيعةِ ( لا تنسَ نصيبك من الدُنيا ) نصيبٌ جزءٌ من كلٍ لا كما يفعلُ البعضُ يعبدَ الحياةَ وملذاتِها متجاهلا أنَّ هناك حياةٌ برزخيةٌ يُوتى فيها بالصابرين والمنفقين والمستغفرين يُثابُ المرءُ هناكَ على أدنى جرحٍ وشعورٍ من أقرانِهِ وأقربائِهِ.

 لا بأسَ أن نحبَّ ذواتَنا لكن لا ننسى الآخرةَ ونتزودَ لها بالعملِ الصالحِ . 

وكيف أتزوَّدُ وأنا أسْفَهُ الكبيرَ وأتعدى على الفقيرِ وأخوضُ مع الحقيرِ بغرضِ دفعِ أذى نفسي وهواها أو إثباتُ ذاتي التي لا ترضى ولا تشبع بل كلَّما تشرَّبتْ من الهوى ازدادتْ لهفا وعطشا تُناضلُ للبقاءِ وتنادي بالخلودِ . 

يكفينا هنا حديثُ المصطفى الكريمِ- فيما معناه – حينما كان رجلا يشتمُ سيِّدنا أبا بكرٍ في مجلسٍ وكانَ الرسولُ صلواتُ ربي وسلامه عليه جالسا في ذلكَ المجلسِ فردَّ أبو بكر على الرجلِ فغضبَ الرسولُ وخرجَ من مجْلِسهِ وعندما سألهُ أبو بكر لماذا خرجتْ فقال لأنَّ الملائكة كانت تدافعُ عنك وحينما تكلمتْ خرجتِ الملائكةُ وفي حديثه صلى الله عليه وسلم (ليسَ الشديدُ بالصُرعةِ إنَّما الشَّديدُ من ملكَ نفسهُ عندَ الغضبِ) .

صحيحٌ أنَّ دينَنا يحبُّ الصلابةَ والشِّدةَ كما في قول المصطفى الكريم ( المؤمنُ القويُ خيرٌ وأحبُ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ وفي كليهما الخيرُ ).

فكيفَ أُصبِحُ مؤمنةً قويةً إن لم أتنازلْ عن بعضِ حقوقِ الذَّاتِ التي لا تُسمِنُ من جوعٍ وأن أتحرَّى القُوَّةَ في مواطِنِها التي تحتاجُ شدةً وعزما لا بدَّ وأن نعودَ لمنهاجِنا القويمِ ونراجعُ محتوى عقيدةً شاملةً ثابتةً تبني مجتمعا قويا وتركزُ فيهِ على الجماعاتِ لا الفرقةَ والعزلةَ وكيفَ نبني بلا حبِّ وتنازلٍ ! 

بل كيفَ نكونُ بلا عطاءٍ ووئامٍ أينَ نحنُ من قوله تعالى : (ويؤثرون على أنفسهم ولو كانَ بهم خَصَاصة) لماذا قُلِبتْ الموازين؟!

 نحنُ لا نريدُ سُذجا تُنهبُ حقوقَهم ويبتسمون بل نريدُ قوةً واتحادا ووعيا ولن يتأتَّى ذلكَ دونَ التَّخلِّي عن بعضِ الحقوقِ (الفضلة) ولكم علمنا الآن مع كورونا (الفضلات)الكبرى في حياتنا! نحنُ بخيرٍ لطالما فكرَّنا وخططَّنا لمستقبلٍ أكثرَ قربا من دستورهِ القويمُ وصراطِه المستقيم لتسيرَ خطانا وخطا أبنائنا للنَّعيمِ السَّرمدي .

وفقنا الله دوما لما فيهِ نفعٌ للأمةِ عامة والإنسانيةِ خاصة لا بأس أن أكونَ أنا أولا مرة وثانيا مرة أخرى.