بقلم.. جواهر الحارثي

كنت قد تطرقت في كتابي “كبسولة الإبداع” إلى مصطلح علمي أصيل يسمى (بيداغوجيا) ظهر لي خلال مرحلة جمع وتكوين المادة العلمية للمؤلف، حيث وجدت المصطلح مقترنًا أيضًا بالإبداع تحت مسمى (البيداغوجيا الإبداعية).
المصطلح بحد ذاته مثير للانتباه، إلا أن ترجمته العلمية هي الأكثر إثارة، حتى أني قررت أن أخصه بفصل مستقل، وبالتعمق في ذلك العلم تغير اتجاهي للإشارة إليه فقط في مقدمة الكتاب ليكون فيما بعد مؤلف مستقل؛
عندما حانت ساعة التحضير لمؤلف (بيداغوجيا الإبداع) الذي يعني باكتشاف القدرات الإبداعية لدى المتمدرسين وتكوين جيل يمتلك مهارات منمذجه تهيئهم لمواكبة المتغيرات المعاصرة، من منطلق أن كلمة “البيداغوجيا” إغريقية الأصل تدل على الشخص الذي يرافق الطفل في تنقلاته، خاصة من البيت إلى المدرسة، ثم أصبحت تدل على المربي، وحديثًا أصبح يقصد بها منهجية التطبيقات التربوية المتمثلة في العلاقة الدينامية بين الأستاذ والتلميذ في الحقل التربوي، ما يعني أن المتمدرس لا سيما في المراحل الأولى من نموه المعرفي يحتاج إلى رعاية نوعية لاكتشاف قدراته الإبداعية، عزمت أن يكون مؤلف لعلم أصيل بهذه الأهمية مبني على دراسة بحثية تُركز على تحقيق أهدافه.
أُجريت دراسة تحليلية تعني بالجانبين النظري والتطبيقي، فمن الناحية النظرية، سوف تسهم هذه الدراسة في التراكم المفاهيمي والعلمي حول موضوع جديد ما زال بحاجة إلى مزيد من الدراسة، وهو موضوع البحث الذي يدور حول استحداث دور الموجه البيداغوجي في البيئة التعليمية لتنمية القدرات الإبداعية لدى التلاميذ، أما من الناحية التطبيقية، فسوف تسهم الدراسة من خلال نتائجها في التعرف على مستوى قدرات التلاميذ الإبداعية، وأهمية دور الموجه البيداغوجي في تعزيز تلك القدرات، كما سوف تساهم في التعرف على معوقات العملية التوجيهية وإمكانية إيجاد الحلول المناسبة لكل معيق من تلك المعيقات بما يحقق التميز والتطوير للعملية التعليمية.
وقد أثبتت الدراسات السابقة أن هناك عملية تواصل بيداغوجي تحدث بين الأستاذ والتلاميذ خلال العملية التعليمية تظهر في كل أشكال ومظاهر العلاقة التواصلية المتضمنة الاتصال اللفظي وغير اللفظي،
تلك الدراسات كانت بمثابة قوة دافعة لبحث الموجة البيداغوجي؛ فإذا كانت التربية التقليدية تركز على دور المعلم المنحصر في التلقين، فإن البيداغوجيا الإبداعية تركز على التواصل التفاعلي بين العناصر الثلاثة (المعلم، والمتعلم، والمعرفة) إذا ما تم تفعيلها، وذلك ما أسفرت عنه نتائج أداة الدراسة حيث كان متوسط راي أفراد عينة الدراسة مرتفع حول ضرورة استحداث دور الموجه البيداغوجي لما سيكون له من أثر في تنمية القدرات الإبداعية بطريقة جديدة في الاتصال ضمن المدرسة،

*مسك الختام:*

تطوير القدرات البشرية لا يتحقق بالرعاية النمطية القاصرة على التعلم فقط، هو عملية تتطلب الكثير من الجهود خلال فترات مبكرة من تكوين القدرات العقلية، ولعل التوجيه التربوي هو الوسيلة الأولى لتحقيق الإبداع والابتكار الذي تنطلق منه سلسلة التحولات المجتمعية من عصور الثورة الكمية إلى عصور الثورة النوعية المؤثرة،
فهل تدعم وزارة التعليم استحداث دور الموجه البيداغوجي من أجل صناعة مجتمع متقدم واع يساهم في التطوير والتغيير للأفضل؟