بقلم /نايف الجعفري

اللغة العربية أو لغة الضاد كما يطلق عليها هي: اللغة التي نزل بها القرآن الكريم على نبينا الأمين(محمد صلى الله عليه وسلم)، وهي من أكثر لغات العالم من حيث المصطلحات الدارجة، ولكن للأسف أصبحت اللغة العربية شيئًا من الماضي، فنحن العرب أضعناها وأهملناها إلى أن وصل بنا الحال أن نسبة من يتقنون هذه اللغة بقواعدها ونحوها وصرفها ١٠٠% على حسب اعتقادي لا يتجاوزون ١٠% في الوطن العربي، قد ترون بأني بالغت بعض الشيء، وقد ترون أن الكل باستطاعته التحدث باللغة العربية بطلاقة أو كتابتها بسلاسة، ولكن قفوا قليلًا، إن اللغة العربية ليست  تشدقًا ببعض المفردات أو النطق بتكلف كما نشاهده في بعض المسلسلات، إن للغة العربية قواعد نحوية لا بد أن تُحترم وأن تطبق بحذافيرها ولا تُكسر وإلا أصبحت هذه اللغة ركيكة، وحتى على صعيد الجانب الإملائي رأت عيناي ما يشيب منه الرأس، فعن أي عربية تتكلمون وتتباهون؟، وأنتم حتى الجانب الإملائي لا تحسنون إتقانه.

(العربية ليست تشدقًا بمفردات، إنما النطق بجمل معربات).

 

 أنا لا أتحدث ولا أكتب عن تلك المحادثات العامية الدارجة بيننا عبر برامج ومواقع التواصل الاجتماعي، وإن كانت هي الأخرى من أهم الأسباب الرئيسية في ضياع لغتنا بسبب إهمالها وتساهلنا في الالتزام بتطبيق الجوانب الإملائية ناهيك عن الجوانب اللغوية لتصبح هذه اللهجات العامية لغتنا الأم، أنا فقط أتحدث عن بعض الأخبار المنشورة وبعض المقالات المكتوبة وبعض الخطابات الرسمية المرسلة، التي تفتقر إلى أساسيات اللغة العربية وأبجدياتها، ومن المضحك والمثير للسخرية، أن يكون هنالك بعض العجم من يحترمون لغتنا ويتحدثون بها أفصح منا، فمن منا يعلم بأن إبدال حركة ضبط الكلمة يغير من معناها؟ وأن حتى هذه الفاصلة( ، ) الصغيرة إذا حُركت من مكانها داخل النصوص أصبحت كفيلة بتغير مفهوم الرسالة كاملة من أولها لآخرها؟

 

ولتنظروا معي إلى هذا المثال.

 

(القتل لهذا الرجل، مستحيل العفو عنه.

 

(القتل لهذا الرجل مستحيل، العفو عنه).

 

ففي الرسالة الأولى تحمل الحكم عليه بالإعدام وفي الرسالة الثانية تحمل حكم العفو عنه، فما رأيكم بمن لا يفرق حتى بين التاء المربوطة والهاء ولا يفرق بين همزة وصل وقطع ولا يفرق بين رفع ونصب؟ وما رأيكم بمن يتباهى بكونه أديب وكاتب مُهيب، ولو قرأنا ما سطرت أنامله لوجدناه عاث في اللغة فسادًا، فتارة نجده رفع ما كان منصوبًا وتارة نجده نصب ما كان مرفوعًا وتارة نجده لا يراعي حذف حروف العلة في الأفعال المجزومة ولا حذف نون الأفعال الخمسة وتارة نجده قد أهمل رفع المبتدأ وتارة نجده قد تجاهل رفع المذكر السالم وتارة نجده قد رفع المضاف إليه.

 

قد وصل بنا الحال إلى مرحلة اتخذنا فيها لغة القرآن هزوًا، لنعلق على بعض الأخطاء الإملائية واللغوية المكتوبة على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى على ورق الاختبارات الدراسية أو حتى على جدران المباني المطلة على الطرقات، ومن المؤسف أننا نطال بانتقادنا المعلمين ونحملهم المسؤولية، بل قد سمعت أذناي عبارة تحمل القذف والسب والشتم على المعلمين وتحميلهم المسؤولية الكاملة في تدني وضعف لغة الطلاب، ولو سألت هذا الشامت والعاتب الذي أطلق لسانه القذر على آبائنا المعلمين عن مسألة لغوية لوجدت إجابته تدعوك للضحك والسخرية، وأن ما كان يتلفظ به فقط كان من باب إظهار مستواه التعليمي حتى تمتدحه الناس وتثني عليه، وأما من حمل المعلمين المسؤولية فهذا الكلام غير صحيح جملة وتفصيلًا، إن المعلمين قاموا بواجباتهم على أكمل وجه، وإن المسؤولية يتحملها الطلاب أنفسهم ومن ثم أولياء الأمور لعدم متابعتهم وحرصهم، فإلى متى نهضم حقوق المعلمين؟ وإلى متى هذا الإجحاف بحقهم.

 

ومن أعجب ما رأيت شخصًا ما في أحد مواقع التواصل الاجتماعي كان يهزأ من شخص آخر بعبارة (اللغه العربيه تشتكي)، فقلت له: والله لو اشتكت اللغة لاشتكتك أنت، فأنت الذي لم تحسن حتى كتابة اسمها، فرد علي قائلًا ومن أنت حتى تصحح لي كتابتي؟ وكأنك معلم لغة عربية، فقلت: يا سبحان الله أتهزأ بالآخرين وأزعجك أني انتقدت أسلوبك الساخر الذي لم يكن في محله؟ و يا سبحان الله هل بالضرورة أن أكون معلمًا للغة العربية حتى أجيدها؟ ولا تنتقد ولا تسخر من أحد في شيء أنت كذلك لا تحسنه أيضًا.

 

ولن أقول لكم بأني ملم في اللغة العربية، بل ما زلت طالبًا أتعلم وما زلت أخطئ في بعض الأحيان، وهكذا ينبغي أن يفعل كل ذي لسانٍ عربي حتى نقلل من أخطائنا، وما أسهل التعليم في هذا العصر، تستطيع أن تتعلم كل شيء تريد معرفته وأنت مستلقٍ على ظهرك وهاتفك بين كفيك وهو معلمك، (فقط الرغبة والعزيمة) هما من تحددان مدى استفادتك وتعلمك.

يا معشر الكتاب 

احسنوا الخطاب 

ففصاحة اللسانِ

 كصحة الأبدانِ 

فقُل كلامًا مُعربًا

ليصدح فوك طربًا.