بقلم /حسن بن محمد العبسي

في قريتنا الصغيرة والنائية، وفي منزلنا المتواضع، المبني من الجريد والقش، أبصرت عيني الدنيا فكانت بالنسبة لي تلك (العشة) قصر منيف، وتلك القرية الصغيرة كأنها باريس أو جنيف، كنا ننطلق مع الصباح الباكر مع زقزقة العصافير، وصياح الديكة، فنتاول ما تيسر من طعام ونذهب للوادي القريب نملأ الجرار بالماء ونسرح بالغنم وأصغر الإخوة يعتني بالبهم، وفي أثناء تواجدنا في المرعى نبدأ بالألعاب التي تناسب جو الرعي مثل: المزمار، وخلافة، وتتسم بالبساطة، والعفوية، والصفاء، والمحبة.   

 .. فيمضي اليوم سريعا وعند الظهيرة ننطلق بمواشينا لأقرب مورد للماء، لسقي الأغنام، وهنا تبدأ حكاية جديدة مع المتعة فنمضي وقتا ممتعا في السباحة في تلك الغدران، ونتنافس في مهاراتنا في السباحة، فتمر تلك السويعات مر السحاب، ثم نعود بمواشينا للرعي حتى قبيل المغرب، ونعود لمنازلنا ونخلد للنوم العميق بعد يوم مليء بالجهد، والمتعة، والحيوية.

وصدق الشاعر حين قال: 

بكيت على الشباب بدمع عيني

فلم يغن البكاء ولا النحيب

فياليت الشباب يعود يوما

فأخبره بما صنع المشيب