مقرن بن ربيع

أيُّها الإخوة أيُّتها الأخوات بدأت أفواج الحُجاج في العودة إلى بلادها بعد أن منّ الله عليهم بأداء الحج بيسر وسهولة وقد غُفرت ذنوبهم وباهى الله بهم ملائكته ورجعوا كما ولدتهم أمهاتهم قلوباً بيضاء خالية من الأحقاد والأضغان بإذن الله فلنحرص على نقائها ولنفتح صفحة جديدة مع كل الناس مُستثمرين هذه الطاقة الإيمانية التي تزوّدنا بها

قال الإمام الغزالي : إعلم أن الحسد من نتائج الحقد، والحقد من نتائج الغضب فهو – أي الحسد – فرع من فروعه، والغضب أصل أصله أي أصل الحقد.

من أمراض القلوب التي تصيب البشر الحقد والحسد وهي من أخطر الأمراض النفسية التي تعود على أصحابها وتضر بهم وبالمجتمع، ومن السلوكيات والأفعال التي ينهى عنها الإسلام لأنه دين المحبة والرحمة والهدى، ولخطورة هذه الأمراض اعتنى القرآن الكريم والسنة النبوية بمواجهتها وكيفية التخلص منها.
قال تعالى: (… رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)
وقال تعالى : (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ)،
والإنسان الذي يملأ الحقد والحسد قلبه يتصِف بالعداوة والكراهية للناس
وله نتائج خطيرة على المسلم والمجتمع الإسلامي،
ومنها الحسد الذي يجعل الحاقد تمنى زوال النعمة عن أخيه، فيحزن بنعمة الله على الآخرين ويفرح بمصيبة أصابتهم، ويشمت بما أصابهم من البلاء
والإسلام يحُث على نقاء الصدور وحب الخير للناس جميعاً. والسنة النبوية نهت عن الغل والحقد والحسد، فعن جابر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تُعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فهل من مستغفر فيغفر له ومن تائب فيتاب عليه ويرد أهل الضغائن بضغائنهم حتى يتوبوا»، والضغائن الأحقاد.

*أبقى لي الله حسادي وغمهم*
*حتى يموتوا بداء غير مكنون*

ومما يعيننا أيها الإخوة على تطهير قلوبنا من الحسد أن نعلم أن الحسد يهيج أنواعاً من الذنوب والخطايا فيكثر شركك ومعاصيك، فبالحسد تقع في الغيبة، وبه تتبع عورات المسلمين بل عورات المتقين والعلماء العاملين والدعاة الناصحين فتبحث عن السقطة والزلة وتشيع الهفوات و الهنات بحجة النقد وبدعوى التصحيح والنصح وغير ذلك من الدعاوى التي يتشبث بها بعض مرضى القلوب مما عشش في قلوبهم من الغل والحسد والحقد ويأبى الله إلا أن يذل ويفضح من عصاه،
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟
قال:«كل مخموم القلب صدوق اللسان» .
قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟
قال: «هو النقي التقي لا إثم عليه ولا بغي ولا غل ولا حسد»
اللَّهُمَّ طهر قلوبنا مِن الكبر والنفاق والسمعة والرياء، اللَّهُمَّ انزع الحقد والغل والبغضاء والحسد مِن قلوبنا، اللَّهُمَّ املأ قلوبنا بحبك، فنحبك، فنحب ما تحب ونكره ما لا تحب، اللَّهُمَّ اجعل قلوبنا على الوجه الذي يرضيك عنا، برحمتك يا أرحم الراحمين

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين .