فلسفات إدارية(3)

ريم ابن جامع

يقع العديد من المدراء في دوامة الأدوار المتعددة، ففي الوقت الذي يكون مدير لجاره، ومقدم خدمة لصهره، يكون عضو في لجنة يرأسها صديق والده، فلا يدرك ما يساق اليه الا عندما تتعارض وتتصادم المصالح لكل دور مع مصالح المنظمة، فترتفع به الأمواج لتضرب بثقلها على سواحل الانظمة.
فتعددية الأدوار ليست المعضلة بذاتها، وانما تواجدها في ضوء محدودية النضج في إدارة العلاقات، فتتحول كل الادوار الى عجلات تتدحرج باتجاهات متعاكسة وتسحب المدير لا ارادياً الى منطقة “الا سيطرة”، فيفقد أحد اهم وظائفه القيادية، فضلاً على الضغوط التي تمارسها المجتمعات المعتمدة على شبكة الروابط الاجتماعية لتصبح كقوانين ترفع شعارات اقلها حدة ” فلان.. لا يُشد به الظهر”.
نعم.. الإدارة هي القدرة على قيادة العديد من العجلات متعددة المسارات بمقود واحد، فصراع الأدوار معركة خصبة للنزال بين حجم “العشم” وحجم “النظامية “ايهما اثقل وزناً؟، فالأشخاص الذين يتمتعون بعلاقات باردة غير عاطفية كما وصفها فرويد ريجز في- نموذجه المنشوري- هم الأكثر امناً فلا (عشم ولا يحزنون).
اما الذين يضعون العلاقات في ميزان اجتماعي ولا يملكون أدوات التوفيق بين العلاقات والأنظمة يقودون أنفسهم لحلبة صاخبة للمصارعة، ويحيطون أنفسهم بهتافات جلد جماهيرية.. ما بين ليونة المتسيبين وحدة النظاميين، وتدار امامهم منصات ثقيلة للمراهنة على قراراتهم.
والجدير بالذكر ان هذا الغول كما يهاجمك كمدير في مجال عملك لا يتورع مطلقاً عندما يلمس لين جانب منك ان يخلق مستويات اقوى وأعمق من الصراعات، فتجد نفسك في مواجهة مع اسرتك او منظمتك او مجتمعك واكثرها شراسه مع قيمك ومعتقداتك.
الحلول ليست سهلة كما تعتقد، فالكثير من البشر يربطون مكانتهم وكيانهم وجدواهم بمستوى توقعات الاخرين عنهم، فيسمحون لنتائج التقييم المجتمعي ان تقلب مسيرتهم المهنية او الشخصية راساً على عقب، فالإنسان يتغلب على العنكبوت في نسج الخيوط الخفية من حوله ولكن الاشد وثاقاً.
العجيب.. ان لاعب صندوق العرائس المسرحية يستطيع ان يقنعك بتعدد الشخصيات الوهمية وبلهجاتها الثرية، رغم ان الممثل واحد!!، والدمى تتدلى بحبال امامك!!، ورغم إنك تشهد المشهد كاملاً وتختار ان تصدق ما تريد أنت تصديقه!!، وفي النهاية وكمدير يمكنك ان تختار دورك الملائم في المسرحية: اللاعب ام الدمية ام الجمهور؟