مشاري الوسمي

حين عم الهدوء وساد الصمت ، تقطعت سبل الوصل بالأهل وحتى الجيران ، وجدنا أنفسنا بين الجدران ، لا نملك إلا بضع أمتار على سطح هذا الكوكب .

يعمنا اضطراب اللحظات و مرورها ببطء ؛ أصبح الليل يشبه النهار، لا شيء يسلينا ويأخذ بأيدينا إلا تلك العوالم الافتراضية !!. نعم العالم الافتراضي الذي حاربنا الكثير للتقليل منه ، بل والابتعاد عنه ، هاهو يسيطر على الموقف ويعلن إنه من البداية كان موجودًا. أصبح وجوده الآن ضرورة حتمية، بل إنها لا تقل أهمية عن حياتنا العادية، فمنه تواصلنا مع أحبابنا ، وعليه ينهل أبناؤنا علمهم، وعدنا من خلاله لأعمالنا ، وبه نتابع أخبار العالم من حولنا .

في هذا الوقت بالذات يكتب التاريخ ما لم يكن بالحسبان ؛ فرغم خسارة البشرية هذه الأرواح البريئة، لكننا نفتح صفحة جديدة من حياتنا على الأرض . فقد تغيرت نظرتنا للأمور، ما كان مستحيلًا أصبح أحد المسلمات اليومية لنا، فالعالم قبل الوباء المستجد لن يكون هو نفسه بعده ، لأن الشعوب أدركت أن العلم والتطور وبناء الإنسان هو أهم وأشمل ركيزة قد نبني عليها مستقبلنا .

حتى لو توقفت القطارات، وشُلت الطائرات، وانعدم صوت المركبات، فنبض الإنسان هو المحرك الحقيقي للحياة بعالمها الافتراضي ، اليوم يستطيع تحقيق المستحيل ، وإدارة عجلة الحياة من خلف الأبواب المغلقة والستائر المسدلة .
دمتم بخير ، فالبقاء في منازلكم حياةٌ لكم .