بقلم.... انتصار عسيري

يكفيك أن تمتلك فرشاة وألوان ومهارة فنية حتى ترسم لوحة ديكورية وتعرضها للبيع بمبلغ فلكي وتنتهي علاقتك بهذه اللوحة عند هذا الحد، ولاضير في ذلك أو عليك ملامة.
لكن بعض الفنانين لاتكفيه فرشاة وألوان ومهارة وأساليب فنية حتى يرسم؛ بل لابد أن يؤذيه حدث ما حتى يرسم لوحة، أو يؤذيه شخص إلى حد الرسم.
هو لايرسم من أجل أحد، بل يرسم ضدهم، وأحيانا يواجه الخسائر بفرشاة.
ولوحته ليست سوى إعادة اعتبار لخساراته وخيباته الجميلة، ولكي يقنع نفسه أنه ليس نادما على شيء تجد لديه ذلك التواطؤ الصامت مع لوحاته، يلاطف لوحته لأن الرسم لايؤخذ بالإجبار أو عنوة بل بالمداراة والملاطفة.
ومهما كثر المادحون أو المطبلون أو المتذاكون، يظل الفنان في أوج صمته الجذاب وضحكه السري؛ لأنه يعلم مسبقا أنك لاتملك نفس أبجديته للتحاور مع اللوحة..!!
ويعلم أنك مجرد عابر فقط..
ويضحك في سره وهو يرى فشلك المسبق في انتزاع أي اعترافات مبطنة في اللوحة، وعجزك المسبق في إقامة علاقة ود وتفهم مع لوحته، أو أن تقع يدك على مكمن سرها.
ومهما اجتهدت لن تعلم أبدا ماذا كان يعني مبدع بلوحة رسمها أو حتى قصيدة نظمها؛ لأن حياة الفنان هي المفتاح السري لأعماله.
وعند السؤال عن سعرها يعتذر عن البيع وهو في أوج جاذبيته، جاذبية من يعرف الكثير لأنه خسر الكثير.

يقول أحدهم : ( أنت لاتفقد لوحة عندما تبيعها، بل عندما يمتلكها من لن يعلقها على جدار قلبه، بل على حائط بيته بقصد أن يراها الآخرون).