د. عبدالله عيسى البطيّان

قال تعالى في محكم كتابه الكريم في سورة البقرة، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)

العمل التطوعي له جوانب من الآثار فالغالب الظاهر أن مصداق العمل هو النية الحسنة وما يصدر من فعل له نتاج وآثار، ويجب أن نتفق في بادئ الأمر بأن كل عمل خالص لله يقابل عارض أو نزغ من الشيطان، لذا فالإعتبار يدخلنا في معان ٍ تختلف في حال وتتوافق في حال والنهاية ما الأثر أو الناتج الذي ظهر جراء هذا العمل التطوعي.

لنضع مواطن آثار العمل التطوعي لو صدق العمل وتم ظاهره فما النتائج :

– الوجاهة والعز والرفعة الظاهرية أمام الناس.

– العلاقات المتراكمة مع كل عمل تطوعي يحقق مكاسب للنفس أو مع الله.

– كسب مهارات التواصل ومعرفة التعامل مع المستفيدين وكذلك رواد العمل الطوعي المعنيين.

– نيل الخبرة مع كل حدث فعلي يحقق مطلب تجاوز السلبيات وتحقيق المكاسب.

– الإستثمار في الوقت والنفس والمال لتعيين اللازم بين الواقع والمأمول.

-اكتشاف الفئات الصادقة في عملها من عدمه جراء ما يظهر من انعكاس التعامل.

– تفعيل إدارة الأزمات والمخاطر مع كل مرحلة فكل مرحلة قد تتشابه في الظاهر لكنها تختلف في المضمون حسب تعيين المصالح.

– الشهرة والبزوغ الإجتماعي وتحقيق مكاسب عينيه من انضمام جهات معروفة محلية أو عالمية تعمد لمشاريع تهتم بالعمل التطوعي ونيل الشهادات والإعتمادات المحلية والدولية.

– تعلم دراسة جدوى المبادرات وآلية تنفيذها حسب توجه كل مجتمع أو أزمة إنسانية ما.

– إدراك الأحداث مع تعاقب الفعاليات بين العمل الربحي والغير الربحي واللذان في الحقيقة يجمعان المال ويقومان بصرفه كلٌ حسب تأسيس الأغراض والمكاسب.

– تفعيل عبادة خدمة خلق الله على هذه المعمورة حسب القدرات والإمكانيات.

– نيل شرف اقتناص فرصة كسب عمل إنساني وتحقيق مبدأ كرامة الإنسان على هذا الكوكب.

– ظهور فساد الأفراد أو المؤسسات والضرب على وتر المساعدة وحاجة الناس.

– تأسيس منظمات وجمعيات ومؤسسات بخبرة ذويها القادرين على إدارة مقاصدهم.

والكثير من ذلك بلا حصر ولا حكر ولا تعزيز لأمر دون آخر إذ أن قانون الإحتمالات يكشف لنا آثار ونتائج العمل التطوعي ولكل أمر ظاهره، فنحن لا نحاكم على ما تخفي النفوس ولكن تداعيات الأعمال تقود صاحب العمل التطوعي البسيط قد ينصدم بهالات كثيرة من بين ما ذكرناه بعالية حيث حسب الصدمة نرى ما نراه من مواقف قد تمنع سبيل الخير بين الناس.

قد لا يلام من يرى في ظاهر الآية التي فتحنا بها مقالتنا لنكسب عطايا القدير جل جلاله في أن الابتلاء الرباني هو مصدر من مصادر رفعة عباده وامتيازهم عن غيرهم بين عباده والله ولي المؤمنين.

لن نتطرق لأسباب نزول الآية ومتى وكيف ولمَّ ولن أدخل في التأويل أو التفسير أو قيادة قول الجليل جل جلاله لمبتغاي، فالله يقدر الأمور ويجريها بين عباده لتحقيق عدله الباطني الذي لا نستوعبه ظاهرياً.

فوجود شخص فاسد في مكانة مرمرقة وسارق لكد المحسنين المقدمة للمعوزين قد تكون سبب في قليل متصل خير من كثير متصل مع الإشارة بأن الإدعاء شيء والعمل شيء والنتيجة شيء آخر، وبهذا تتضح لدينا جوانب من تلك الآثار نتيجة العمل فلا يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون.

قال أمير النحل ذات موقف : الناس أعداء ما جهلوا.

وكلنا نجهل الكثير إلا أننا قصدنا في بادئ الأمر المساعدة ومد يد العون وخدمة عباد الله ورفع قيمة الإنسانية ونعي أن هداية النجدين ليست أمراً يسيراً فهو هبة يودعها الله بفضله وإلهام رباني بلطف الله وكرمه لاختيار شخص ما من بين خلقه ليكسب من الله ما يريد فالإمتحان والتمحيص بوابة للشعور الذي لا يستطيع واصف كيف أن الله منح العبد سمة وسعادة ومحبة لكل ذي نية صدق.

وكما ذكر الله في كتابه المنزل على نبيه المرسل ( وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سعى . . . )

أى : كما أنه لا تحمل نفس آثمة حمل نفس أخرى ، فكذلك لا يحصل الإنسان إلا على نتيجة عمله الصالح ، لا على نتيجة عمل غيره .

فالمراد بالسعى فى الآية . السعى الصالح ، والعمل الطيب ، لأنه قد جاء فى مقابلة الحديث عن الأوزار والذنوب .

عزيزي القارئ :

لتكن ذي سعة بال ٍ وصدر وتأمل وحصافة تقيك شر الوقوع في تجنب سبيل الخير بين الناس، وأن نواياك هي مطية آثار عملك، فمكاسب الخير خير من مكاسب لا محل لها من النهايات الطيبة وإن حسن ظاهر عملك.

استمر مع دراية لا تقودك لإيقاف عملك ومحص ذاتك وتذكر بأن الطيور على أشكالها تقع وأن الناس تجمل صورتها في أي بادئ عمل، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه.