بقلم.... انتصار عسيري

عندما تكون مهمة الفنان توثيق الأحاسيس لا الأشياء..
إحساس الصدمة التي تجعلنا نفقد شيئا ما متأخراً.. شيئاً ُيُغرقنا في الصمت..
فيتحدث عنه الفنان بشفافية مطلقة..
في كل لوحة وصورة فوتوغرافية وفيلم… هناك وجوه أكثرُ حزناً من أن تبكي..!!
دموع الناجين في خرسهم الأبدي، دموع راقصة ترقص على ألحان تضج بالأنين..
جثث منتفخة و متراكمة فوق بعضها.. وغرقى الأنهار لاتدري هل دموع فزعهم من الغرق هي من زادت ارتفاع منسوب النهر ليغرقهم..!!
أبناء يقفون بعيداً خلف مقابر جماعية لضحايا تفشي الأوبئة..
دموع من فقدَ إحدى أطرافه في حرب شرسة..
وجه فقير مكسور الروح لحظة توزيع الصدقات عليهم..
دموع المكتئبين في اسرتهم ليلاً.. ودعوتهم بحرقة أن لاتستيقظ روحه وجسده صباحاً..
صور ولوح لحيوانات علقت في الأسلاك الكهربائية للحماية..
وجوه أطفال يودعون والديهم من خلف زجاج المحاجر الصحية..
دموع الوحيدين الحالمين بقصة تنتشله من وحدته..
فتاة مهجوره من حبيبها لاتدري هل المياه المنسكبة على جسدها من حوض استحمامها أم من دموعها!!
صور عصافير وليدة سقطت من اعشاشها وماتت..
يصف الفنان كل ألوان الدموع الحمراء والبيضاء َوالسوداء… في عالم مازال يزايد على الأحزان والدموع..
هل كانت محاولة من الفنان أن ينتصر لهم في لوحة؟!
أم كان يعقد هدنة مع الحياة بتلك القرابين؟!
أم أنها محاولة منه لنسيان حزنه الشخصي بالإختباء خلف حزن أنيق وإنساني..
أم يوراي رفاته بدموعهم؟؟
أو بنقله كل بشاعة العالم يعطي نفسه صك البراءة من ألمهم؟؟
ربما الفنان يستعلي بذلك على الألم بانتقاء طريقته الخاصة للوجع!!
أو أنها وسيلته أمام الحياة ليتماشى مع الألم المقبل؟؟
وربما كان اعتذاراً منه لأنه فضّل لحظة تخليد مأساتك على نجدتك!!