بقلم.... بدرية المالكي

تزداد خطورة الشائعات وشراهة تفشيها عند وقوع الكوارث وحدوث الأزمات، كونها أفتك أسلحة الحرب النفسية لإثارة البلبة، وشق الصف، ونخر الوحدة، كما يزيد حدة انتشارها شراهة وتفشيًا الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسذاجة بعض العقول التي تقبع خلف تلك الأجهزة بلا هدف سوى النسخ واللصق والإرسال دون وعي أو تثبت.

وينشط مروجو الشائعات خلال الأزمات بفبركة الصورة، وتهويل المشهد، بل يُجيدون كما يُقال “اللطم على الجنازة”، ليلبسوا الحق بالباطل، ويكتموا الحق، وهم يعلمون، وأشد تلك الشائعات خطورة من تطول الوطن وقيادته، وتمس نظام الدولة والأمن العام، وتهدف إلى زعزعة استقرار الوطن، ونشر الفوضى بين أرجائه.

ولعل “جائحة كورونا” إحدى الأزمات التي لايشهدها الوطن خاصة بل العالم أسره، و تتخذ الدولة – حفظها الله- حيال ذلك تدابير أمنية، واحترازات وقائية، كما تتخذ نظامًا آمنًا لمكافحة ومحاربة الشائعات المغرضة، والتصدي لمروجيها، من خلال توجيه خطاب إعلامي موحد، يهدف إلى قراءة المشهد، وتسليط الضوء على الوضع الراهن والمستجد.

ويمثل الجهاز الإعلامي لوزارة الداخلية، ونظيره في وزارة الصحة، مصدرين آمنين لتتبع الأخبار وتقصي آخر المستجدات، ومايضمنه ذلك للمواطن والمقيم من نزاهة المعلومات، ودقة الإحصائيات، وسلامة النصائح والإرشادات، كما نشط الإعلام السعودي الهادف بمزامنة الأحداث، والوقوف صفًا واحدًا أمام هذه الأزمة، ليثبت أبناء الوطن بأقلامهم وأصواتهم وتسخير جميع طاقاتهم أنهم يد واحدة في مكافحة التضليل والإرجاف، وبث الوعي في المجتمع، ونشر المعلومات الموثوقة، والإجراءات الآمنة عبر قنوات الإعلام ومنصاته.

وقد أقرت الدولة -أيدها الله- عقوبات صارمة لمصدري الشائعات، ومروجي الأخبار الزائفة، ومن يتداولها عبر وسائل التقنية تصل للسجن خمس سنوات، وغرامة مالية تقدر بثلاثة ملايين ريال، أو إحدى العقوبتين.

والمتتبع لهوية مروجي الشائعات يجدهم وفق أهدافهم صنفان “مرجفون مغرضون”، لديهم أهداف، ويخدمون أجندات، ويسعون لتنفيذ أفكار ومخططات، فيما نجد صنفًا آخرًا منهم سُذّجًا، ينساقون خلف كل ناعق، ويصدقون كل دعي كاذب، لايبالون بتتبع القضية، والكشف عن وجه الحقيقة، ولايهمهم من هذا كله إلا تقديم وجبة دسمة للثرثرة بها في المجالس، ليظهر صاحبها بين الناس بصورة الواعي الحاذق، وهو أشبه بالجاهل المارق.

ولايقف الأمر عند هؤلاء بل تجد من يشارك في النقل، و يسهم في التضليل وتفشي الأراجيف، ويساعد في بثها بين الصفوف، هم أشباه المتعلمين، الذين تراهم يطلقون الكلام على عواهنة، لايتحرون الصدق، ولايبذلون الوقت والجهد للتقصي والبحث ، بل هدفهم الأسمى السبق والصدارة في الإذاعة والنشر، أو إحداث شيء من الإثارة وكثير من المتعة والغرابة.

وبين هذا وذاك لا يكن حظ الوطن منّا فقط التغني به “كل ما نسنس من الغرب هبوب” بل لنكن لحمة واحدة معه في الرخاء والشدة، في العطاء والمنع…ففي حياة الشعوب أوطان استغنت وتخلت، إلا بلادنا تخلت عن كل شيء واشترت حياة إنسان.